جريمة التحرش تمثل قضية اجتماعية خطيرة تواجهها النساء في بيئات متعددة، وتعد بيئة العمل أحدي الأطر-النطاق والمكان- التي تحدث فيها جريمة التحرش، وتعد بيئة سامة بالنسبة للموظفات اللواتي يعانين نقص الأمان والاحترام نتيجة التحرش الذي يتعرضن له خلال أوقات عملهن. هذا الوضع يجعلهن غير قادرات على أداء مهامهن بكفاءة، ويؤثر سلبًا على صحتهن النفسية والجسدية.

يمكن تعريف التحرش على أنه أي سلوك غير مرغوب فيه، سواء كان لفظيًا سواء كلام غير لائق أو إطراء دون موافقتها أو تعليقات غير ملائمة والمبتذلة، أو جسديًا ك لمس غير مرغوب فيه أو محاولات غير مرغوبة للتقرب، وتجاوز المساحة الشخصية، وكذلك العنف الجنسي الذي قد يتضمن ابتزاز وتهديدات.

التحرش يزيد من التمييز والتفرقة العنصرية، حيث يتضمن إيذاء جسديًا وجنسيًا ونفسيًا.

 تتعرض النساء للضغوط والمعاناة النفسية عندما تتعرض للتحرش في بيئة العمل، حيث تواجه كثير من الصعوبات، بسبب اختيارها لمزاولة العمل، ويتم تسويغ هذه الصعوبات بأسباب غير منطقية تركز على جنسها أو مظهرها، وهو ما يسهم في إلقاء اللوم على الناجية/الضحية بدلاً من المُعتدي حيث إذا تعرضت موظفة للتحرش، وأفصحت عن هذا الفعل، وأرادت أن تأخذ حقها، وتدافع عن نفسها، فإنها تتفاجأ بأن المجتمع يلقي اللوم عليها لأي سبب كان لكونها أنثى لا يجوز أن تعمل أو، بسبب ملابسها أو لأنها اختارت العمل فيجب عليها تتحمل أي شيء مقابل هذا الاختيار، كل هذه الأسباب الذي يقولها المجتمع وبدلا من أننا نعاقب الجاني والقائم بالجرم نفسه، أصبحنا نلوم الضحية/الناجية بغض النظر عن السبب، ولكن هذه التبريرات ليس لها صحة من الأساس.فمن الضروري أن نضع في اعتبارنا أنه يجب على المجتمع بأسره أن يتحمل مسؤولية القضاء عليَّ جريمة التحرش ومكافحتها، وتقديم الدعم اللازم بدلاً من إلقاء اللوم عليهن،

لذلك يجب توفير بيئة عمل آمنة خالية من العنف والتحرش الجنسي للنساء فهو حق أساسي لهن، ومن ناحية أخري لزيادة إنتاجية العمل وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية بوجهٍ عام، ولذلك من أهم الآليات التي يجب أن تكون موجودة في العمل هو تعميم سياسات مناهضة للعنف والتحرش الجنسي داخل بيئات العمل، وتتضمن توفير آليات تقديم الشكاوى التي يجب أن تكون موجودة في أي بيئة عمل بشكل صريح وفعّال ومباشر وسهولة وصول النساء العاملات لتلك الآليات. وينبغي عدم التهاون في التعامل مع الشكاوى التي تقدم بخصوص التحرش، الذي يشكل تهديدًا لأمن وسلامة النساء والفتيات في محيط عملهن من الضروري أن يتم التعامل بجدية مع هذه الشكاوى ومعاقبة المعتدين، سواء كانوا موظفين أو مديرين أو أي شخص آخر تنطبق عليه سياسات مناهضة العنف والتحرش الجنسي داخل بيئات العمل، بغض النظر عن مكانتهم أو نفوذهم إن هذا السلوك الذي ينطوي على التحرش غير مقبول، ويعد جرما، ويجب أن يُعامل على وجه حازم وفوري، لضمان بيئة عمل آمنة محترمة للجميع.

فإذا تعرضت أحدي النساء العاملات للتحرش يجب عليها الإبلاغ إلى الإدارة أو قسم الموارد البشرية (HR) إذا لم يتم حل المشكلة مباشرة، يجب الإبلاغ عن التحرش إلى الجهة المسؤولة في مكان العمل، ويجب أن تقوم بتحقيق شامل للشكوى بسرية وجدية.

وإذا لم يتم أخذ الشكوى بمحمل الجدية تلجأ النساء إلى الدعم القانوني أو الحصول على مشورة قانونية لمعرفة الخيارات المتاحة وكيفية حماية حقوقها.

وذلك كله في حالة عدم وجود سياسات مناهضة للعنف والتحرش الجنسي داخل العمل، لكن في حالة وجودها وتطبيقها داخل بيئة العمل فهناك آليات تقديم شكوى معروفة للجميع داخل وخارج بيئة العمل سواء كانت من خلال صندوق شكاوي موضوع داخل العمل أو من خلال إرسال الشكوى مكتوبة إلي بريد إلكتروني مخصص لتلقي الشكاوى أو التوجه مباشرة للمدير أو الجهة المسؤولة بالعمل.

ونأمل أن تتخذ أماكن العمل إجراءات وآليات من حيث توفير أماكن آمنة و مراعية لاحتياجات النساء داخل بيئات العمل، وضوابط تنظيمية محددة تضمن معايير الصحة والسلامة للعاملات ومرافق صحية ملائمة لهن المرونة وعدد ساعات العمل والترتيبات الوظيفية مراعية النساء توفير وتوفير مرافق مناسبة لرعاية الأطفال أو دعم النساء في العثور على حلول للرعاية تسهيلاً لأعباء الرعاية الأسرية والمنزلية التي تقع على نحو غير متناسب على النساء، بسبب فرض أدوار مجتمعية وتوقعات مفروضة عليهن.