احنا هنا

٢٧ يناير ٢٠٢١

متعته قبل كل شئ

قامت بكتبتها / نوال محمود
الصحة الإنجابية والجنسية حق من حقوق الإنسان المعترف بها في ميثاق حقوق الإنسان العالمي مثلها مثل باقي الحقوق الأخري, ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن الصحة الجنسية والإنجابية تتضمَّن السلامة البدنية والنفسية بالإضافة إلى النشاط الجنسي. وهي تعد جزء أساسي من الصحة العامة تعكس المستوى الصحي للرجل والمرأة في سن الإنجاب.
فالصحة الإنجابية تعني حرية القرار والأمان في تمتع الأفراد بممارسة الجنس بشكل مرضي للطرفين وإباحة اتخاذ قرار عدم الإنجاب أو الإجهاض بدون عنف أو تمييز, مع إمكانية أن يملكوا الوسائل الآمنة السليمة لتنظيم الأسرة وتوقيت الإنجاب وعدد الأطفال وفترات الإنجاب بينهم.
وعلى الرغم من هذه الالتزامات إلا أن النساء تتعرض لسلسلة من الانتهاكات المرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية وتتخذ أشكال عديدة من إجبار وضغط وحرمان.
فوسائل منع الحمل للنساء ما بين الرضاعة الطبيعية, اللوالب الرحمية, مبيدات النطاف, حقن البروجسترون, حبوب منع الحمل, الحلقة المبهلية, التعقيم, أما الرجال فتقتصر على الجماع المنسحب (قبل حدوث القذف) أو العازل الذكري.
في إحدي ممرات الوحدة الصحية بإحدى مناطق أسوان, طابور مُكْتَظٌّ بعدد غفير من النساء في أعمار متفاوتة أمام شباك الوحدة الصحية للحصول على وسيلتهن لمنع الحمل (البرشام), وكل منهن ممسكة بيدها ورقة مجدولة بشهور السنة وعلى وجوههن علامات الملل من الانتظار. علامات الضيق والإرهاق تكسو ملامح إحداهن الناعمة وتعطيها هيئة أكبر من عمرها, تزفر بنفاد صبر وبنبرة حانقة تسرد "ه.ف" : (أنا هنا من الصبح واقفة قدام الشباك مستنية لغاية مايجي دوري وآخد البرشام) وتستكمل أنها كل شهر تعاني من تلك الوقفة والانتظار الطويل (بكون مفضية كل شغل البيت ومخلصاه عشان آجى بدري وألحق دور).
(مش مهم الوقفة عندى أحسن ما أجيبه من برا بتمن غالي, علي الأقل هنا بدفع جنيه بس). "ث.ص" سيدة في منتصف العقد الثالث عبرت عن قولها بقلة الحيلة وأنه ليس أمامنا سوى الانتظار, وتقول (في الآخر هما معاهم حق في اللي بيعملوه, مش ضامنين الدنيا ودلوقتي بنات الثانوية والجامعات اللي بيتجوزوا عرفي من ورا أهاليهم.. كده الدنيا حاكمة أكتر).
في هذا السياق وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية: إن هناك أكثر من مئة مليون امرأة حول العالم يستخدمن حبوب منع الحمل, وتوصلت دراسات عدة للآثار الجانبية للحبوب منذ إطلاقها في الستينيات.
كالغثيان والنزف الغزير والتشنج ويمكن أن يؤدي إلى العقم, ويمكن في بعض الأحيان أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
ومؤخرا ظهرت دراسة حديثة ربطت بين حبوب منع الحمل والاكتئاب, وأظهرت الدراسة أنه من بين كل 100 امرأة لا يستخدمن الحبوب وجد أن 1.7 % منهن يتناولن مضادات للاكتئاب كل عام, بينما من بين كل 100 امرأة يستخدمن الحبوب ارتفع ذلك الرقم قليلا إلى2.2 %.
فرحة خافتة عرفت طريقها لوجهها الشاحب لحصولها أخيرا على"البرشام" ك.م " الواحد بيكون شايل همه زي الأكل والشرب كل شهر, هو آه بيتعبني جامد وبحس بألم في جنبي بس هنعمل إيه مفيش حل"
وتتفق في قولها ه.ف "الربشام خلى وزني يزيد أكتر وبيخزن مية تحت جلدي ولما باخده مش بكون طايقة عيالي".
ن.م " متجوزة بقالي أكتر من 8 سنين وبعد ما خلفت 4 ولاد ركبت اللولب عشان بيقولوا أضمن حاجة تمنع الحمل, بعدها حصلي نزيف جامد ودخلت عمليات وجراحة كنت هموت.. فلجأت للحبوب مع إنها بتخليني أحس بوجع في صدري بس أهو مش قدامنا غيرها".
تتحدث ع.خ " أيام رمضان باخد حبتين في اليوم عشان أمنع الدورة تجيلي وأقدر أصوم الشهر كله وكمان عشان الراجل ميزعلش مني, وده بيخليني أشتري شريطين بسعر غالي من الصيدلية لأن الوحدة مش بتسمح غير بشريط واحد, بس لما باخدهم برجع كتيير وبحس بحرقان في فم المعدة".
بسؤالي عن إذا كنتن فعليا تعانين من تلك الآثار فلم لا تتوقفن عن استعمالها ليستعمل أزواجكن "العازل الذكري" حفاظا على صحتكن: ردت ك .م "ما الواقي ده مش بينفع وبيتزحلق يعني مش مضمون, البرشام أضمن" وأكملت قولها باستنكار "وبعدين لا مينفعش هما مش هيرضوا أصلا يحطوه".
ه.ف: "هو جوزي مجربهوش, بس لما سأل صحابه قالوله مش هيخليك تنبسط وبراحتك كده"
وأنهت قولها ب: "الرجالة كده يا أبلة مش بيحبوا يحطوا حاجة في جسمهم وهو عايز يبقي حر مش حاجة تكتفه".
عام 2014 أجرت جامعة "رايس الأمريكية" دراسة في منطقة الشرق الأوسط عن اختيار وسائل منع الحمل بين النساء هناك, بلغت نسبة النساء في المنطقة اللاتي يمنعهن الخوف من مطالبة الزوج أو الشريك باستخدام العازل الذكري أثناء ممارسة الجنس ال 82%.
جاءت مصر بنسبة 0.5 % عن معدل استخدام الواقي الذكري في المنطقة, على الرغم من توافر العازل الذكري في الوحدات الصحية المصرية إلا أن انخفاض نسبة استخدامه راجع إلى أسباب تعزز مكانة ووضع الرجل وخجلهم من شرائه في مكان عام وأن متعته الجنسية هي المقام الأول ولاعتقادهم الخاطئ أن الواقي يستخدم فقط لمنع العدوى الجنسية ويقتصر على ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج وليس كوسيلة منع حمل.
تقول الدكتورة آلاء "المفترض أن الحياة الجنسية شيء مشترك بين الطرفين, فهما متساويان في تلك العلاقة, لكن ثقافة مجتمعنا تفرض وجود طرف أقوى في العلاقة "الرجل" وطرف أضعف " الأنثي".
" بعد أول مولود المفروض بيجي الأب والأم ويختاروا الوسيلة الأمثل لمنع الحمل وتنظيمه, اختيار استعمال الوسيلة بيقع علطول على "الست" لكن " الراجل" وزي ما ثقافة مجتمعنا بتؤكد: إن "الواقي" ده بيقلل من فحولته وذكوريته وبيقيده عن إنه يستمتع بالعلاقة, ولأن هو المستفيد الأول في العلاقة زي ما بترسخ معتقدات مجتمعنا الذكوري"
يتضح أن مناقشة موضوع "تنظيم الأسرة" والحياة الجنسية يقع مسئوليته بالكامل علىالنساء كحلقة أضعف ومتضرر وحيد في تلك العلاقة, والطرف الأخر يقف كمتفرج على معاناتها بحجة أن الواقي يعطي شعور عدم الارتياح في العلاقة ويفقد الثقة والودية والحميمية بينهم, على الرغم من الدراسات العديدة التى أثبتت العكس وأن الرجل والمرأة يحصلان على نفس القدر الطبيعي من المتعة أثناء ممارسة الجنس أثناء استعمال الواقي الذكري.


مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
اختيار النساء لشريك الحياة (حق خاضع للقيد)
“كنتُ أحلم بأن أعيش حياة سعيدة مع هذا الشخص الذي اختاره قلبي، ورسمتُ معه الآمال. لكن الآن، ماتت أحلامي، وأصبحتُ شاحبة الوجه، ولم أعد أفكر في كيفية اتخاذ أي قرار؛ فأصبح كل ما ينطقه لساني هو “حاضر” و”نعم”. أصبتُ بحزن دائم، وأصبحتُ عاجزة، وحتى ابتسامتي على وجهي كاذبة.” هكذا وصفت إحدى النساء شعورها بعد أن […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
في ظل التهميش والتمييز: نظرة على واقع حقوق الصحة الإنجابية والجنسية للنساء والفتيات بمصر
تُعتبر الصحة الإنجابية والجنسية من أهم الجوانب التي تؤثر على حياة النساء، وخاصة الأمهات، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي. تعني الصحة الإنجابية توفير الظروف والبيئة الملائمة للنساء لتحقيق حمل صحي وآمن، كما تؤثر الصحة الإنجابية بشكل مباشر على الصحة الجسدية والنفسية للأم. تساعد الرعاية الصحية قبل وأثناء وبعد الحمل في الكشف المبكر […]
قرائة المزيد