"منذ صغري، تعرضت للكثير من المشاكل والضغوط التي أثرت سلبًا على شخصيتي ونفسيتي، وجعلتني أشعر بالضعف" تقول أسماء (إسم مستعار).
تحكي أسماء أنها الابنة الوحيدة لأبوين -تعتقد- أنهما يبدوان متحابان، وكان الجميع يتوقع أن تكون مدللة العائلة. تعرضت أسماء للكثير من الإهانة والتنمر والكراهية من عائلة والدتها، وكانت دائماً تشعر بأنها شخص منبوذ في العائلة.
في الآونة الأخيرة، تكشف عناوين الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي عن انتشار ظاهرة الانتحار بشكل غير مسبوق في مصر، خاصة بين النساء وتحديداً فئة الشابات. حيث شاهدنا عدداً من المقاطع المصورة للفتيات يحاولن الانتحار، ثم قرأنا عن فتاة تحاول الانتحار بالقفز من الطابق الثالث، وكذلك تابعنا أخباراً عن ثلاث سيدات من أسرة واحدة حاولن الانتحار، وغيرها من الأخبار التي تحمل عناوين مشابهة.
وبحسب تقرير المنظمة الصحة العالمية، يعد الانتحار ثالث سبب للوفاة بين الشباب والشابات من الفئة العمرية بين 15 و 19 عاما. وتحتل مصر المرتبة الأولي عربياً من ناحية معدلات الانتحار، متفوقة في ذلك على دول تشهد نزاعات مسلحة وحروباً أهلية.
تقول "أسماء" (اسم مستعار، 21 عامًا) لـ"جندريست": "منذ صغري، تعرضت للكثير من المشاكل والضغوط التي أثرت سلبًا على شخصيتي ونفسيتي، وجعلتني أشعر بالضعف.
كنت الابنة الوحيدة لأبوين يبدوان متحابين، وكان الجميع يتوقع أن أكون مدللة العائلة، لكن الأمور لم تجرِ كما هو متوقع.
انفصل والداي عندما كنت في الخامسة من عمري، وانتقلت للعيش مع والدتي في منزل عائلتها، وهناك بدأت معاناتي.
تعرضت للكثير من الإهانة والتنمر والكراهية من عائلة والدتي، وكنت دائمًا أشعر بأنني الشخص المنبوذ في العائلة. منذ انفصال والديّ، لم يسأل والدي عني أبدًا حتى توفي عندما كنت في العشرين من عمري. تراكمت الضغوط عليّ لدرجة لم أعد أتحملها، فقررت إنهاء حياتي، لكن تم إنقاذي في اللحظة الأخيرة بعد نقلي إلى المستشفى "
وتصف "شيماء" (اسم مستعار، 25 عامًا) حياتها قبل تعرضها للضغوط النفسية قائلة: "كنت شخصًا محبًا ومقبلًا على الحياة، رغم أنني تعرضت لمعاملة سيئة وكثير من الضرب منذ صغري، بالإضافة إلى التنمر من أصدقائي. كنت أتمسك بآمالي وطموحاتي، ولكن كل شيء تغير عندما حاول والدي إجباري على الزواج في سن صغيرة لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن العائلة. لم أجد في ذلك الوقت حلًا سوى إنهاء حياتي، لكن تم إنقاذي. بعد ذلك، بدأت زيارة طبيب نفسي دون علم عائلتي، لأنهم يعتبرون العلاج النفسي ترفًا أو تسلية لا ضرورة لها."
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يقدر عدد ضحايا الانتحار بنحو 700 ألف شخص حول العالم كل عام، حيث يفقد شخص واحد حياته كل ثانية. وتحصر إحصائيات منظمة الصحة العالمية فقط من انتحروا بالفعل، في حين يتجاوز عدد المحاولات الفاشلة هذا الرقم بكثير.
تتعرض الفتيات اللواتي يحاولن الانتحار إلى اللوم المجتمعي بدلًا من تقديم الدعم والمساعدة للتعافي. فبدلاً من التركيز على الأسباب التي دفعت الضحية إلى محاولة إنهاء حياتها ومعالجتها، يتم التركيز على شخصيتها وسلوكها، ويتم تبرير العنف الذي تعرضت له، مما يعزز الشعور بالعزلة وتدهور حالتها النفسية. هذا المناخ الثقافي يجعل من الصعب على الناجيات من محاولات الانتحار أن يطلبن المساعدة أو يتلقين الدعم الذي يحتجن إليه
الانتحار ينتشر بشكل كبير بين الفتيات، وذلك يرجع لعدة أسباب وفقا لدكتورة مي رفعت التي قالت لـ"جندريست" إن السبب يكمن في الضغوط الأسرية التي تتعرض لها هؤلاء الفتيات في سن صغيرة، وعدم توافق والتفاهم الأهالي مع بناتهن، حيث يلجأ أغلب الأهالي إلى العنف والتنمر في التعامل مع بناتهن، مما يؤدي إلى إحساس الفتاة بأنها منبوذة ومكروهة من عائلتها والمجتمع الذي تعيش فيه".
وتضيف "أن العنف الأسري الذي تتعرض له هؤلاء الفتيات يؤدي في أغلب الأوقات إلى أمراض نفسية قد تؤدي للانتحار، مثل اضطراب القلق ، الفصام، والهلاوس السمعية والبصرية.
في هذه الحالات، تكون الفتيات بحاجة ماسة لدعم نفسي متخصص لمساعدتهن في التغلب على هذه الاضطرابات والنجاة من المخاطر التي قد تواجههن وتهدد حياتهن"
وتقول "إن الانتحار هو آخر مراحل الاكتئاب، لذلك يتوجب الذهاب إلى طبيب/ة نفسي لتلقي الدعم الطبي الملائم وحسب تشخيص الطبيب/ة سواء بالتوصية بمضادات الاكتئاب قبل الوصول إلى مرحلة الانتحار أو الذهاب إلى المعالج النفسي وعمل برامج علاجية، بالإضافة إلى مساعدة الأسرة في ذلك".
وفي دور حماية الفتيات من الانتحار، توجد العديد من المؤسسات الإجتماعية في أسوان التى تساعد الفتيات وتقدم لهن الدعم النفسي والقانوني الذي يحتجن إليه خاصة في حالات تعرضهن للعنف .