احنا هنا

١٠ سبتمبر ٢٠٢٤

في ظل التهميش والتمييز: نظرة على واقع حقوق الصحة الإنجابية والجنسية للنساء والفتيات بمصر

قامت بكتبتها / محمد بركات

تُعتبر الصحة الإنجابية والجنسية من أهم الجوانب التي تؤثر على حياة النساء، وخاصة الأمهات، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي. تعني الصحة الإنجابية توفير الظروف والبيئة الملائمة للنساء لتحقيق حمل صحي وآمن، كما تؤثر الصحة الإنجابية بشكل مباشر على الصحة الجسدية والنفسية للأم.


تساعد الرعاية الصحية قبل وأثناء وبعد الحمل في الكشف المبكر عن الأمراض والمشاكل الصحية المحتملة، مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري الحملي وفقر الدم. تضمن الفحوصات الدورية والإرشادات الطبية أن تحصل الأم على العناية اللازمة للحفاظ على صحتها وصحة جنينها.


يمنح التعليم الصحي المتعلق بالصحة الجنسية النساء المعرفة اللازمة للوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً، التي يمكن أن تؤثر سلبًا على الحمل وصحة الجنين. من خلال توفير المعلومات والإرشادات حول استخدام وسائل الحماية والوقاية، يمكن تقليل مخاطر العدوى والحفاظ على صحة الأم. بالإضافة إلى ذلك، تسهم الرعاية النفسية والدعم العاطفي خلال فترة الحمل وبعد الولادة في تقليل مشاعر القلق والاكتئاب التي قد تصيب الأم. يساعد التعرف على العلامات المبكرة للإجهاد النفسي وتقديم الدعم المناسب في تحقيق استقرار نفسي وعاطفي للأم، مما ينعكس إيجابيًا على قدرتها على رعاية طفلها.


تحدثت مع إحدى النساء التي ذكرت أنها تزوجت في عمر 19 عامًا، وتعرضت لفقدان طفلها الأول نتيجة لقلة الوعي بالصحة الإنجابية وبرامج التوعية والكشف المبكر في حملها الأول. بالإضافة إلى صغر سنها، كانت تعاني من عدة مشاكل صحية ونفسية انتهت بنزول مياه من أسفل البطن دون اللجوء إلى الطبيب، مما أدى إلى وفاة الجنين بسبب فقدان السائل الأمنيوسي المحيط به. ولكن بعد هذه التجربة الصعبة، اهتمت بالتوجه للطبيب بانتظام خلال حملها الثاني وأخذت جميع الإجراءات الوقائية اللازمة، مما أسفر عن ولادة طفلة سليمة.


هذه ليست القصة الوحيدة التي تجسد خطورة عدم الاهتمام بالصحة الإنجابية، ولكنها مثال على ذلك. كما تحدثت (م.أ) في بداية حملها، اتبعت العديد من الإجراءات الاحترازية للحفاظ على صحتها وصحة الجنين. من بين هذه الإجراءات: تناول الأدوية والمكملات بانتظام، وتجنب حمل الأشياء الثقيلة، والامتناع عن الوقوف لفترات طويلة، بالإضافة إلى تجنب تناول بعض الأطعمة والالتزام بنظام غذائي صحي. مارست أيضًا بعض التمارين الرياضية الخفيفة وتجنبت بذل أي مجهود كبير، خاصة خلال الأشهر الأولى من الحمل.


لذلك، يجب أن تعيش الأم حياة عادلة وتتمتع بحقوقها الجنسية والإنجابية بشكل طبيعي وآمن. تعتبر الصحة الإنجابية حقًا لكل النساء، ويجب أن تكون خدمات الصحة الإنجابية متاحة مع ضمان الخصوصية والحرية في الاختيار. إجراء الفحوصات الطبية الدورية للنساء مهم للكشف عن أي أمراض في الجهاز التناسلي.


بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير المعلومات حول وسائل الحمل المناسبة لصحة المرأة الجسدية في المقام الأول، وأن لا تُفرض عليها وسيلة معينة، بل تقع على عاتقها فقط اتباع وسائل الحمل المناسبة. كما يجب توفير وسائل منع الحمل الخاصة للرجال وتوعية الرجال بوسائل منع الحمل الخاصة بهم. الحمل ليس مسؤولية النساء وحدهن، ويجب مشاركة الرجال وتوعيتهم بوسائل منع الحمل الخاصة بهم وتغيير الأفكار الخاطئة التي تقول إنها تؤثر على قدرتهم الجنسية والجسدية في المستقبل. للأسف، ما زالت بعض الإعلانات توجه شعاراتها نحو النساء فقط، حيث يُلقى عبء منع الحمل عليهن، بينما تكون الإعلانات عن وسائل منع الحمل للرجال نادرة للغاية وتقتصر على الحماية من الأمراض المنقولة جنسيًا.


أيضًا، من حقوق النساء في الصحة الإنجابية الحق في الإجهاض القانوني والآمن، الحق في تحديد النسل، التحرر من التعقيم الإجباري ومنع الحمل، الحق في الحصول على رعاية صحية إنجابية جيدة النوعية، والحق في التثقيف الصحي.


توفير خدمات الصحة الإنجابية بشكل شامل يساهم في تقليل معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال، ويعزز من جودة الحياة للأسرة بأكملها. تقديم الرعاية الصحية اللازمة للأمهات خلال فترة الحمل وما بعدها، بما في ذلك الدعم الغذائي والنفسي، أمر ضروري. خاصة في المجتمعات التي تعاني من نقص في خدمات الصحة الإنجابية، يجب أن تكون هناك جهود مشتركة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لتحسين الوصول إلى هذه الخدمات. كيفية تقديم الرعاية المناسبة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة النساء والأسر. لا يمكن إغفال دور الثقافة والعادات الاجتماعية في التأثير على الصحة الإنجابية، لذلك يجب أن تكون هناك برامج توعية للرجال والنساء تتعامل مع هذه القضايا بحساسية، وترسيخ أن المسؤولية مشتركة بينهما وليست محملة على عاتق طرف واحد فقط. يجب تشجيع التغيير الإيجابي في الممارسات الخاطئة التي تعيق الوصول إلى رعاية صحية ملائمة، وتوفير الدعم اللازم للنساء لضمان حصولهن على خدمات الصحة الإنجابية دون تمييز أو تقييد. يجب أن تكون هناك سياسات وتشريعات تدعم  وتحمي حقوق النساء في الحصول على رعاية صحية جيدة وشاملة.


مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
اختيار النساء لشريك الحياة (حق خاضع للقيد)
“كنتُ أحلم بأن أعيش حياة سعيدة مع هذا الشخص الذي اختاره قلبي، ورسمتُ معه الآمال. لكن الآن، ماتت أحلامي، وأصبحتُ شاحبة الوجه، ولم أعد أفكر في كيفية اتخاذ أي قرار؛ فأصبح كل ما ينطقه لساني هو “حاضر” و”نعم”. أصبتُ بحزن دائم، وأصبحتُ عاجزة، وحتى ابتسامتي على وجهي كاذبة.” هكذا وصفت إحدى النساء شعورها بعد أن […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
التمييز ضد النساء لتولي المناصب القيادية
التفرقة والتمييزِ بينَ الرجالِ والنساءِ في مجالِ العملِ يخلقُ فارقا كبيرا كما يصنعُ حاجزا أمامَ استقرارِ المجتمعِ وازدهارهِ ، وهذا ما يحدثُ في مجتمعنا وتعاني النساءُ منْ تحدياتٍ كبيرةٍ بسببَ عاداتهِ وتقاليدهِ وهذا يشكلُ حاجزا بينهنَ وبينَ رغباتهنَ في الوصولِ إلى ما يتمنينَ،حيثُ إنَ دستورَ المصريِ كفلَ حقُ العملِ للمواطنينَ جميعا على أساسِ المساواةِ بينهمْ […]
قرائة المزيد