احنا هنا

٣٠ أبريل ٢٠٢٥

الرياضة في مواجهة التمييز والتحرش: الساحات الرياضية غير آمنة لهن

قامت بكتبتها / آلاء أحمد

لا تزال الرياضة النسائية تقف في مواجهة تحديات عميقة، تبدأ من التنمر المجتمعي و وتتعدي بالتحرش اللفظي والتقليل من الإنجاز والتهميش الفتيات اللاتي يخترن رياضات مثل كرة القدم أو الملاكمة أو الكاراتيه يُنظر إليهن غالبًا باعتبارهن خارج "الإطار المقبول"، وتطاردهن تعليقات تشكك في أنوثتهن، وأحيانًا حتى في إنسانيتهن.



التمييز يبدأ من النظرة المجتمعية


في مجتمعات عديدة، تُعتبر رياضات مثل كرة القدم، الجودو، أو الملاكمة "ذكورية"، مما يؤدي لاستبعاد النساء منها ثقافيًا ونفسيًا، بحجج مثل أن هذه الألعاب "لا تليق بالفتاة"، وأن "مكانها الطبيعي هو المطبخ" هذه الأفكار النمطية يٌغذيها ثقافة ذكورية تُقيد طموح النساء، وتُحول بينهن وبين تحقيق ذواتهن الرياضية.



رياضة الفتيات في مصر: بين القرارات والدعم الغائب


على الرغم من أن منتخب مصر النسائي لكرة القدم شارك رسميًا لأول مرة في عام 1999، واستمر في الظهور في عدة بطولات، فإن الدعم المؤسسي لا يزال ضعيفًا ففي أكتوبر 2020، وجّه الاتحاد المصري لكرة القدم خطابًا للأندية لتشكيل فرق نسائية، ضمن خطة لتوسيع قاعدة الممارسة. ولكن تفاعل المجتمع لم يكن بمستوى الطموحات، بل تصاعدت الأصوات المنادية بإلغاء الدوري النسائي مع كل مباراة جديدة، في ظل حملات تنمر إلكترونية واسعة.



أحلام رياضية تصطدم بجدران المجتمع والتنمر


تحكي بسملة أحمد، طالبة كلية التربية الرياضية بجامعة أسوان، عن حلمها في ممارسة كرة القدم منذ طفولتها لكنها واجهت رفض والدها والمجتمع من حولها. وبعد إلحاح، وافق والدها أخيرًا، إلا أن الواقع كان أكثر صدمة لم تجد ناديًا يدرب الفتيات، وحتى عندما وجدت مركزًا، لم تدم تجربتها طويلًا بسبب ضغط الأقارب والتنمر المتكرر من المحيطين بها، الذين وصفوها بـ"المسترجلة".


تضيف بسملة: "قررت دخول كلية تربية رياضية لتحقيق حلمي، لكنني فوجئت أن قسم كرة القدم مخصص فقط للذكور، بينما تُحصر الفتيات في رياضات معينة مثل الجمباز والسباحة".


أما شهد خالد، لاعبة الكاراتيه السابقة، فتروي كيف واجهت رفضًا منذ صغرها، وتعرضت لتحرش لفظي وتنمر داخل النادي وفي الشارع. تضيف: "أشعر أنني خسرت علاقتي بجسدي بسبب نظرة الناس، حتى بدأت أكره مظهري، وقررت اعتزال اللعبة نهائيًا رغم حبي لها".



من المسؤول؟


ما تتعرض له الفتيات الرياضيات يمثل أزمة هيكلية تتطلب تدخلًا جادًا من الدولة والمؤسسات التعليمية والرياضية أن غياب التشريعات التي تحمي الرياضيات، وضعف الدعم والتشجيع وتقديم التسهيلات للفتيات في عالم الرياضة، بالإضافة إلي ضعف التمثيل الإعلامي الإيجابي، وغياب القدوة النسائية الرياضية في المناهج التعليمية، كلها عوامل تُكرّس هذا الواقع المعنف ضد النساء والفتيات.



من يمني إلى إيمان: البطلات تحت القصف الإلكتروني


لا تقتصر معاناة الرياضيات على المصريات فقط. فالملاكمة يمني عياد واجهت موجة من التنمر بعد استبعادها من المشاركة في أولمبياد باريس 2024، نتيجة تغيّر في وزنها لأسباب فسيولوجية طبيعية تمر بها كل امرأة. بدلاً من الدعم، تلقت هجومًا لاذعًا على منصات التواصل.


وبالمثل، عانت الملاكمة الجزائرية إيمان خليفة من اتهامات بتشويه أنوثتها، بل وصل الأمر إلى تشكيك البعض في هويتها الجنسية، والدعوة لمنعها من خوض النزالات النسائية. هذه الحملات لم تستند إلى أي منطق رياضي، بل إلى أفكار متطرفة تنبع من عقلية ذكورية ترفض رؤية المرأة قوية، ناجحة، وبارزة في مجالها.



التمكين يبدأ من الوعي والدعم


لا يمكن أن نحلم بمستقبل رياضي عادل دون الاعتراف أولًا أن الرياضة النسائية ليست رفاهية، بل حق إنساني واجب الحماية. تمكين المرأة في الرياضة يبدأ من دعم نفسي واجتماعي وتشريعي، ومن محاربة التنمر والتحرش على كل المستويات، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي.


لقد حققت الرياضيات العربيات والمصريات الكثير، وهن قادرات على تحقيق المزيد، فقط إذا تم توفير بيئة آمنة وداعمة. فكما نحتفي بأبطال الرجال، حان الوقت لمنح البطلات النساء نفس التقدير، الاحترام، والفرص.


مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
الأم العاملة في مصر… بين حماية القانون وواقع التمييز
تعاني العديد من الأمهات من تمييز غير عادل في سوق العمل، حيث يُمنعن من التوظيف أو يُقيد حضورهن المهني بسبب مسؤولياتهن الأسرية. يُبرر ذلك عادةً بعدم قدرتهن على التوفيق بين العمل والدور المتوقع والمفروض عليهن كأمهات، مما يدفع بعض أصحاب الأعمال، خاصة في القطاع الخاص، إلى تجنب توظيفهن. ففي العديد من الحالات، يُستبعدن من فرص […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
الإقصاء المقنّع: حين يتحول الجمال إلى شرط وظيفي
في كل خطوة تخطوها النساء نحو تحقيق ذاتها المهنية، تقف أمامهن عوائق كثيرة، بعضها يظهر للعيان، والآخر خفي. لكن من بين أكثر هذه العوائق صمتًا ، يأتي التمييز القائم على المظهر، ذلك الحكم غير المعلن الذي يُمارس على النساء في أماكن العمل، كأن وجوههن وسيلة لقياس قدراتهن، لا خبراتهن أو إنجازاتهن. في العديد من الوظائف، […]
قرائة المزيد