تمثل قضية التمييز في الأجور بين الجنسين مشكلة كبيرة نعاني منها في المجتمع، ويتعلق هذا التمييز بخلق فجوات بين النساء والرجال لمصلحة الرجال حتى وإن كانوا يقومون بنفس العمل وخلال نفس الساعات ويمتلكون خبرات مهنية متشابهة، ومتكافئين في المستوى التعليمي حتى الإنتاجية تكون متشابهة، ويرجع ذلك إلى اعتقاد صاحب العمل أن عملهن مجرد ترفيه، وأن دورها يقتصر على الأدوار الرعائية للأسرة دون الاعتراف بدورها في تطوير هذا العمل ودورها في زيادة الإنتاجية ودون دراية بتأثير ذلك عليهن اقتصاديا أيضا.

 وفقا لإحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011 أن نسبة المرأة المعيلة قدرت بحوالي 16 %.

 ونحن اليوم في عام 2024 بالتأكيد النسبة تخطت ال 16 % بمراحل في ظل الأزمة الاقتصادية.

 وبالنظر للمواد القانونية والمواثيق العالمية التي كفلت حق النساء في التمتع بالحياة وعززت مبادئ المساواة وعدم التمييز، حيث نصت المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة السادسة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك المادة العاشرة من العهد ذاته على حق النساء في العمل بمساواة كاملة مع الرجال.

 أما المادة 11 من اتفاقية (السيداو) نصت على القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء وتلتزم الدول الأطراف بهذه الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد النساء في ميدان العمل.

وأصدرت منظمة العمل العربية منذ تأسيسها عام 1965 اتفاقيات وتوصيات بشأن الحد الأدنى من الحقوق التي يتعين على الدول العربية توفيرها للعمال والعاملات وكانت أول اتفاقية بشأن المرأة العاملة هي الاتفاقية رقم 5 لسنة 1976 التي نصت على المساواة بين النساء والرجال في كل تشريعات العمل في كافة القطاعات وفي كافة شروط وظروف العمل والأجور.

 ومع ذلك، فإن الواقع العملي يكشف أن ما يحدث عكس ذلك وان هناك انحيازات لمصلحة الرجال العاملين وتفضيلهم على العاملات، وخاصة في تحديد الأجور ورصدت "جندريست" ذلك من تصريحات من بعض العاملات في محافظة أسوان .

 في تصريح لإحدى العاملات بقطاع خاص ن. ع، قالت: لاحظت أن مع تقدم العاملات زميلاتي في العمر يقلل صاحب العمل في مرتباتهن والعكس صحيح تماما لدى العمال الرجال حيث كلما تقدم العمر زاد راتبه وارتفع منصبه في العمل وذلك لأنه يصبح أكثر خبرة حتى المجتمع يفرض دورا واحدا على النساء هو دور "الأمومة" ومن وجهة نظر صاحب العمل يكره أن يتم تعطيل عمله بسبب الإجازات مثل الوضع ورعاية طفل وغيره من الإجازات التي كفلها القانون لهن ويتخذ صاحب العمل ذلك ذريعة لتقليل راتبها، وكثير من أصحاب العمل يستغلون عدم معرفة النساء بحقوقهن.

 وأضافت ن. ع: إن أكثر المشاكل التي تواجهني أن في كثير من الأحيان احتاج التنقل في أكثر من مكان لإنهاء مهمة معينة في عملي وكل مصاريف الانتقالات تكون من مالي الخاص فكل النساء العاملات في القطاع الخاص أهم مطالبهن هو المساواة في الأجور وإعطاء أجور مناسبة مع العمل المكلفات به لأن الطبيعي أن يقاس الراتب بالإنتاجية وليس ب الجنس، كما أتمنى مراقبة تفعيل القوانين المتعلقة بالتمييز في الأجور.

وعلي جانب آخر تحدثنا مع مجموعة من الفتيات العاملات بأحد المحالّ التجارية وتوحدت أرائيهن: إن المشكلة لا تقتصر فحسب على الخبرة أو وقت أطول في ساعات العمل، فإن تمييز الأجور موجود رغم تساوي الوقت والجهد المبذول والإنتاجية وخاصة في القطاع الخاص، أن رب العمل يبرر تفاوت الأجور بين الشباب والفتيات بأنه يعتمد على الشباب في الشغل البدني وتأدية مهام تخص العمل أكثر من الفتيات العاملات كما أن اعتياد النظرة المجتمعية أن الشباب يعولون أسرهم بينما الفتيات يكون المرتب يكون مقتصرا على الترفيه وشراء ملابس ومستحضرات تجميل، فتلك الفكرة لها دور كبير في التمييز بين الأجور بين الجنسين

 وأضافت إحداهن: عدم المساواة في الأجور يترتب عليه قلة الإنتاجية وعدم الرغبة في التطور في العمل، لأن التمييز في حد ذاته تقليل من مكانة النساء في العمل.

 فحق المساواة في الأجور هو حق أساسي للجنسين فيجب تفعيل مبدأ ربط الأجر بالإنتاج دون النظر للنوع رجل أو امرأة وتفعيل هذا المبدأ يضمن تقديم العدالة والمساواة في الفرص الاقتصادية للجميع ويكون المعيار لتحديد الأجر القدرات والمهارات والمؤهلات وبتعزيز هذا المبدأ سيتمتع العمال والعاملات بحقهم\ ن الطبيعي في الحصول على أجر يعكس جهودهم\ ن وإنتاجيتهم\ ن، دون تمييز بين الجنسين وتقليل الفجوة الاقتصادية التي تعاني منها النساء نتيجة التمييز بالإضافة تشجيع المزيد من النساء على المشاركة الفعالة في سوق العمل وبناء مستقبل مهني يعكس قدراتهن ومؤهلاتهن بشكل عادل ومتساوٍ.