احنا هنا

١١ سبتمبر ٢٠٢٤

اختيار النساء لشريك الحياة (حق خاضع للقيد)

قامت بكتبتها / روفيدة أسامة

"كنتُ أحلم بأن أعيش حياة سعيدة مع هذا الشخص الذي اختاره قلبي، ورسمتُ معه الآمال. لكن الآن، ماتت أحلامي، وأصبحتُ شاحبة الوجه، ولم أعد أفكر في كيفية اتخاذ أي قرار؛ فأصبح كل ما ينطقه لساني هو "حاضر" و"نعم". أصبتُ بحزن دائم، وأصبحتُ عاجزة، وحتى ابتسامتي على وجهي كاذبة." هكذا وصفت إحدى النساء شعورها بعد أن انتُزع منها حقها في الاختيار، وقُيِّدت بشخص لم ترده، وأُرغمت على الزواج من رجل لا رغبة لها فيه، بينما رفضوا الشخص الذي تمنَّت أن يكون شريك حياتها.

مازال في مجتمعنا الأسوانى بعض الأفكار والعادات السيئة والتي تكون سبباً واحداً من الأسباب التي تؤدي إلي دمار البيوت وهدمها لما تسببه من آثار نفسية وجسدية واجتماعية علي البنت وشعورها بالقهر والضعف والإحباط لذلك سوف نتناول الحديث عن إحدى القضايا ال التي رأيتها مع عرض بعض آراء النساء اللاتى تعرضن للعنف وضغوط اجتماعية ومنها وهي قضية الزواج القسري للفتيات والنساء، جبراً دون أخذ رأيهن فيما هو حق طبيعى لكل فرد أن يختار شريك حياته/ا.

تحدثتُ مع إحدى الفتيات اللواتي خضن هذه التجربة، وقالت لي إن هناك شخصًا يحبها، وإنه شخص جيد ويرغب في الزواج منها، لكن كان والدها يريد أن يزوجها من ابن عمها، وأن عائلاتهم ترفض زواج البنات من خارج العائلة ووفقا للعادات المتعارف عليها
أن الفتاة لا ينبغي أن تتعرف على شخص غريب عن العائلة ، وأن ابن عمها أحق بها من الغريب، في حين أن هذا الحظر يطبق على البنات فقط، بينما يستطيع الرجل الزواج من خارج العائلة لأنه يُعتبر الأقوى في نظر المجتمع الذي يراه قادراً على اتخاذ القرارات الصائبة ويفعل ما يحلو له
ولذلك لم يعد لديها خيار آخر سوى قبول هذا الزواج حتى لا تكون عارًا على عائلتها "كما يصفون ذلك "، فهي ليست أول من يُجبر على هذا النوع من الزواج

وأضافت أن شيئاً مشابهاً حدث لابنة خالتها عندما أراد والدها تزويجها من ابن صديقه في العمل قال لها إنه لا يستطيع الرفض، وإنها يجب أن تتزوجه لتخفيف الأعباء الاقتصادية والأزمات التي يمر بها، لأن هذا الشخص يمتلك الكثير من المال، ولا يعير رأيها أي أهمية، فهو يرى نفسه صاحب القرار الوحيد الذي يعرف مصلحتها وما هو الأفضل لها..

تأثير الزواج الإجباري ليس بالأمر السهل علينا أنا، على سبيل المثال، "كنتُ أحلم بأن أعيش حياة سعيدة مع هذا الشخص الذي اختاره قلبي، ورسمتُ معه الآمال، لكن الآن، ماتت أحلامي، وأصبحتُ شاحبة الوجه و لم أعد أفكر في كيفية اتخاذ أي قرار؛ فأصبح كل ما ينطقه لساني هو حاضر ونعم أصبتُ بحزن دائمً ، وأصبحتُ عاجزة، وحتى ابتسامتي على وجهي كاذبة"

لم تعد هذه القصة الوحيدة، في إجبار الفتيات على الزواج ليس حالة فردية لا تزال هناك عادات وتقاليد تُطبق تحرم الفتيات من حقهن في اتخاذ قراراتهن بأنفسهن، تحرمهن من حق انساني مكفول للجميع ، وعلي جانب آخر تمنح هذه العادات للذكور صك حرية اختيار زوجاتهم، مما يعكس التمييز الواضح بين الجنسين في المجتمع.

قالت إحدى السيدات: أنا مطلقة، وعندما تقدم لي رجل للزواج، كنت رافضة لهذا الزواج ولكن تحت ضغط أهلي وتعرضي لكلام جارح عن كوني مطلقة، اضطررت للموافقة كانوا يقولون لي إنه يجب أن أقبل بالزواج لأبدأ حياة جديدة وأستقر، لأن أحدًا لن يتقدم لي مرة أخرى بسبب طلاقي لكن هذا الزواج لم يجلب لي أي نفع، بل زادت مأساتي تعرضت للضرب والإهانة والضغط النفسي، مما أدى إلى الطلاق مرة أخرى طلقني وردني ثم طلقني مرة أخرى وهكذا أصبحت مطلقة للمرة الثانية

وأضافت : أن في معظم القرارات المصيرية التي تخصهن، يتم تجاهل آرائهن أو تهميشها، حتى وإن كان يُسمح لهن بالتعبير عنها وغالبًا ما يُعتمد على رأي العائلة الكبرى أو الإجماع الأسري لتحديد المصير النهائي والذي في غالب الأمر يكون بيد الرجال وحدهم، مما يقلل من أهمية وجهة نظر النساء ويجعل مساهمتهن شكلية فقط
بينما أفادت أخرى بأن الضغوط تُفرض عليهن بشكل خاص في مسألة الزواج، حيث يُعتقد أنهن لا يمتلكن القدرة على الاختيار السليم لأن العائلة تعتبر نفسها الأدرى بمصلحتهن.
و زاد ذلك من ضعفي وعجزي، وتدهورت حالتي بسبب الصراع الداخلي الذي ينتابني وصعوبة تحمل الأذى الذي لحق بي و أصبحت ألوم نفسي وأشعر بأنني المذنبة والخاطئة و فقدت ثقتي بنفسي إلى درجة أنني قسوت على نفسي ولومتها بطريقة قاسية"

كما أن ربط الطلاق بالوصم يجعل الأهالي يمارسون ضغوطًا نفسية على بناتهن للزواج مرة أخرى وفي الغالب، تُحرم المطلقات من العديد من الحقوق حتى لا يكون لديهن خيار سوى الزواج وفقًا لرغبة الأهل
و حتى وإن اختلفت البيئة أو العمر أو الثقافة، تتشابه قصص الفتيات اللاتي يُرغمن أو يُجبرن على الزواج من أشخاص لا يرغبن فيهم، وكأن مصائرهن تُكتب خارج إرادتهن"

في النهاية، لا يُعد هذا سوى نبذة صغيرة عن التحديات التي تواجهها النساء من أشكال العنف وانتهاك حقوقهن، وما يترتب على ذلك من مشكلات نفسية واجتماعية خطيرة. إن قرار الزواج هو قرار مصيري يجب أن يُبنى على توافق فكري سليم واحترام وتقدير متبادل بين الطرفين، مع اختيار الشريك المناسب دون ضغط أو إكراه. من حق النساء التمتع بالحرية واختيار حياتهن بحرية، دون التعرض للعنف والقهر، وذلك لتجنب تأثيرات سلبية على العلاقات.

مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
في ظل التهميش والتمييز: نظرة على واقع حقوق الصحة الإنجابية والجنسية للنساء والفتيات بمصر
تُعتبر الصحة الإنجابية والجنسية من أهم الجوانب التي تؤثر على حياة النساء، وخاصة الأمهات، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي. تعني الصحة الإنجابية توفير الظروف والبيئة الملائمة للنساء لتحقيق حمل صحي وآمن، كما تؤثر الصحة الإنجابية بشكل مباشر على الصحة الجسدية والنفسية للأم. تساعد الرعاية الصحية قبل وأثناء وبعد الحمل في الكشف المبكر […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
التمييز ضد النساء لتولي المناصب القيادية
التفرقة والتمييزِ بينَ الرجالِ والنساءِ في مجالِ العملِ يخلقُ فارقا كبيرا كما يصنعُ حاجزا أمامَ استقرارِ المجتمعِ وازدهارهِ ، وهذا ما يحدثُ في مجتمعنا وتعاني النساءُ منْ تحدياتٍ كبيرةٍ بسببَ عاداتهِ وتقاليدهِ وهذا يشكلُ حاجزا بينهنَ وبينَ رغباتهنَ في الوصولِ إلى ما يتمنينَ،حيثُ إنَ دستورَ المصريِ كفلَ حقُ العملِ للمواطنينَ جميعا على أساسِ المساواةِ بينهمْ […]
قرائة المزيد