في ضوء حملة ال 16 يوماً لمناهضة العنف القائم ضد النساء التي تبدأ من ٢٥ نوفمبر حتى 10 ديسمبر، أطلقنا مبادرة جندريست حملة "أجسادنا قراراتنا" نسعى من خلال حملتنا إلى تسليط الضوء على أهمية الصحة الجنسية والإنجابية كحق أساسي من حقوق النساء، وكركيزة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين في عالمٍ يتفاقم فيه العنف بأشكاله المختلفة ضد النساء والفتيات، نؤمن أن الحديث عن الصحة الإنجابية ليس فقط موضوعاً طبياً أو اجتماعياً، بل هو حديث عن الكرامة والإنسانية، والحق في اتخاذ القرارات الخاصة بالجسد بعيدًا عن القهر أو الوصاية.
في إطار حملتنا نسلط الضوء على مجموعة من القضايا الحاسمة التي تؤثر في حياة النساء في مجتمعنا المحلي، وفي كل مكان، والحقوق الصحية التي يجب أن تتمتع بها النساء كلهم
وفي هذه الحملة سنناقش عددا من الموضوعات أبرزها تأثير تزويج الطفلات على الصحة الإنجابية، فتلك الجريمة تنهي طفولة الفتاة، ويتعدى الأمر لتعرضها أيضًا لمخاطر صحية جسيمة مثل الحمل المبكر الذي يرهق جسدها غير المكتمل، وارتفاع معدلات وفيات الأمهات نتيجة قلة الوعي والرعاية الصحية كما يؤدي إلى مشكلات صحية طويلة الأمد، مثل اضطرابات الحوض وأمراض الجهاز التناسلي كما يعوق حصول الفتيات على فرص التعليم والعمل، مما يترتب عليها قضية أخرى وهي تأنيث الفقر، لتكون الفئة الأكثر فقراً وهي النساء.
كما أن هذه القضية وطيدة الصلة بالعادات والتقاليد تعيق النساء عن اتخاذ قرارات حاسمة تخص أجسادهن بجانب جريمة تزويج الطفلات، ترتكب جريمة في حق أجساد الفتيات وهي تشويه أعضائهن التناسلية، ونقص في قدرة بعض النساء على التخطيط لحملهن أو اتخاذ قرارات تتعلق بصحتهن الإنجابية، مما يعرضهن لمخاطر صحية طويلة الأم وغير ذلك الكثير.
كما يسلط الضوء على قضية الأمراض المنتقلة عبر الاتصال الجنسي وأثرها في الصحة الإنجابية تُعتبر الأمراض المنقولة جنسيًا، وخاصة فيروس نقص المناعة البشري (HIV) "الإيدز"، من أبرز التحديات الصحية التي تواجه النساء، حيث تترتب عليها تبعات صحية جسدية ونفسية قد تستمر مدى حياتهن، وتتعرض النساء في هذا السياق لوصمة اجتماعية وإطلاق أحكاما مسبقة عليهن، وقد تصل إلى إنهاء حياتهن وقتلهن، مما يجعل من الصعب عليهن التحدث عن معاناتهن أو طلب الرعاية الصحية اللازمة، إضافة إلى ذلك، تواجه النساء صعوبات في الوصول إلى خدمات علاجية آمنة، وذلك بسبب الخوف من الحكم الاجتماعي أو اللوم الذي يطالهّن، وعلى المستوى الاجتماعي، يتعرضن للتهميش مما يعيق حصولهن على الدعم المجتمعي، ويزيد ذلك من معاناتهن وتفاقم مشكلاتهن الصحية.
في حملتنا، نسلط الضوء على الحق الأساسي للنساء في الحصول على الإجهاض الآمن، وهو حقٌ لا يمكن إغفاله ضمن حقوقهن الإنجابية. فغياب هذا الحق يدفع النساء إلى البحث عن حلول غير آمنة، مما يعرض حياتهن للخطر، ويزيد معدلات الوفيات والمضاعفات الصحية الخطيرة.
العديد من النساء يضطررن لاستكمال حمل غير مرغوب فيه؛ بسبب القوانين التقييدية أو الوصم الاجتماعي الذي يقيد حريتهن في اتخاذ القرار بشأن أجسادهن، وهذا يعمق من معاناتهن النفسية والاجتماعية، مما يجعل الوضع أكثر قسوة.
من الناحية القانونية، يتطلب الحق في الإجهاض الآمن وجود تشريعات تحمي النساء من تبعات الإجهاض غير الآمن، وتوفر لهن الخيارات الطبية الآمنة التي تحترم حقوقهن، وتضمن سلامتهن
ووفقا لبيان أصدرته منظمة الصحة العالمية أن تقييد الوصول إلى الإجهاض لا يقلل من عدد الحالات، بل يؤثر فقط على الظروف التي يتم فيها الإجهاض، ففي البلدان التي تفرض قوانين صارمة، تكون نسبة الإجهاضات غير الآمنة أعلى بكثير مقارنة بتلك التي تتبنى قوانين أكثر مرونة، تتعدد الحواجز التي تعرقل وصول النساء إلى الإجهاض الآمن، ومنها التكاليف المرتفعة والوصم الاجتماعي الذي يتعرضن له، بالإضافة إلى رفض بعض مقدمي الرعاية الصحية إجراء العملية؛ بسبب تأنيب الضمير أو المعتقدات الدينية.
كما أن القوانين التقييدية غير المبررة، مثل تجريم الإجهاض أو تقديم استشارات منحازة، تساهم في صعوبة الوصول إلى الإجهاض الآمن، مما يزيد معاناة النساء، ويحرمهن من حقوقهن الأساسية.
وأخيرا نتناول أهمية والدور الدعم النفسي في التعافي وتحسين حقوقهن في الصحة النفسية والإنجابية
خاصة للناجيات من العنف الجنسي من الضروري توفير الدعم النفسي الذي يمكنهن من تجاوز الصدمة وتحقيق التعافي الكامل لا يقتصر الأمر على الجوانب الجسدية فقط، بل إن الصحة النفسية تعد جزءًا لا يتجزأ من الصحة الإنجابية للنساء، فيساعد الدعم النفسي في التغلب على الآثار الصحية النفسية التي تصاحب تجارب العنف الجنسي، مما يساهم في التعافي، ومن خلال الدعم النفسي، يتمكن النساء من إعادة بناء حياتهن الاجتماعية، والاندماج في مجتمعاتهن مجددا
حملة "أجسادنا قراراتنا" ليست مجرد شعار؛ إنها دعوة إلى التغيير لخلق بيئة آمنة، داعمة، وخالية من العنف لكل النساء والفتيات كما ندعو من خلال حملتنا كل صانعي القرار إلى اتخاذ خطوات جادة نحو تعزيز السياسات الصحية والاجتماعية التي تكفل للنساء حقوقهن الصحية والإنجابية