احنا هنا

١٢ سبتمبر ٢٠٢٤

أدوار النساء في بناء المجتمع ومواجهة الاستعمار: من النضال التاريخي إلى الواقع الحالي

قامت بكتبتها / مارينا مسعد

من خلال قراءتي لكتاب "بناء ونضال"من تأليف هدى الصدة وميسان حسن صدرعن مؤسسة المرأة والذاكرة في عام 2018، نجد أن النساء لعبن دورًا هامًا في النهوض بالمجتمع والتصدي لآثار الاستعمار منذ القرن التاسع عشر.
فقد أسست العديد من النساء مؤسسات وجمعيات خيرية وشاركن في الأنشطة الاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية. على سبيل المثال، أسست زينب أنيس جمعية الشفقة بالأطفال في عام 1908، ثم تأسست جمعية الاتحاد النسائي التهذيبي تحت رئاسة ملك حفني ناصف في عام 1914، إلى جانب العديد من المؤسسات الأخرى.


علاوة على ذلك، ساهمت النساء بشكل فعال في تأسيس وإصدار المجلات والدوريات النسائية التي طرحت قضايا النساء بقوة وجرأة على المجتمع. فقد صدرت أول مجلة نسائية في العالم العربي في عام 1892 في مصر تحت عنوان "الفتاة"، لصاحبتها هند نوفل. تناولت هذه المجلات قضايا النساء المتعلقة بالتعليم والعمل والمشاركة في الحياة السياسية، واشتغلت الكاتبات مع قضايا النهضة ودور النساء في المجتمع الحديث ومشروع التحرر الوطني من الاستعمار. كما تأثرت المجلات النسائية الأولى بشكل كبير بالمجلات النسائية الغربية، ونقلت عنها موضوعات وتجارب عن مكانة النساء ودورهن في المجتمع الغربي الحديث.

لم تقتصر مساهمات النساء على العمل العام والعمل الأهلي الخيري والثقافي فقط، بل ساهمن أيضًا في تأسيس وبناء مؤسسات وجمعيات وكيانات سياسية وثقافية واجتماعية كما ظهرت قيادات نسائية جديدة تعمل ضمن التنظيمات السياسية التابعة للدولة، مما أدي إلى تنامي ما يُسمى في الأدبيات النسوية بـ "نسوية الدولة".

كان للنساء المصريات حضور ومساهمة فعالة على الساحة الدولية، فحصلن على مناصب دولية ومثلن بلادهن في المحافل والمؤتمرات العالمية. انخرطت النساء في السلك الدبلوماسي، وبلغن أعلى مناصب صنع القرار السياسي، وأصبح لدينا سفيرات مثل الدكتورة عائشة راتب والدكتورة ميرفت التلاوي من أبناء أسيوط. في نطاق الأمم المتحدة، شاركت المرأة المصرية بوصفها مندوبة تتحدث باسم الدولة أو كمستشارة فنية أو خبيرة في أمور متخصصة.

ورغم هذه النماذج المشرفة، نلاحظ أن بعض العائلات، وخصوصًا في الصعيد، ما زالت متمسكة بفكرة أن المرأة لا يمكن أن تكون من كوادر المجتمع أو تشارك في بناءه. البعض يعتقد أن المرأة ليس لها الحق في التعبير عن رأيها أو تنفيذه، بل ويعتقدون أن تعليمها، إن سمحوا به، لا يتجاوز المرحلة الابتدائية. وهناك من يعتبرون أن إنجاب الفتيات هو كارثة، ويظنون أن النساء والفتيات هن الكائنات الضعيفة عديمة المنفعة، رغم أن العديد من الشخصيات البارزة من أبناء الصعيد.

ختاماً، يظهر أن النساء المصريات قد لعبن دوراً محورياً في بناء المجتمع ومقاومة آثار الاستعمار منذ القرن التاسع عشر فمن خلال تأسيسهن لمؤسسات اجتماعية وثقافية وإطلاقهن المجلات النسوية التي تناولت قضايا التعليم والعمل والمشاركة السياسية، برزت النساء كمكونات أساسية في مشروع النهضة. ورغم التحديات التي ما زالت تواجه بعض المناطق، وخصوصاً في الصعيد، إلا أن الأدوار الرائدة التي لعبتها نساء مثل ملك حفني ناصف وهند نوفل، وكذلك السفيرات مثل الدكتورة عائشة راتب والدكتورة ميرفت التلاوي، تثبت أن المرأة المصرية قادرة على قيادة التحولات الاجتماعية والسياسية.

إن إسهامات النساء لا يمكن إنكارها، وقد أثبتت التجارب أن دعمهن وتمكينهن في مختلف المجالات ليس فقط حقاً أساسياً، بل أيضاً ضرورة لنهضة المجتمعات. لذلك، يجب أن يتم كسر القيود التقليدية التي لا تزال تحد من قدرات النساء، و إفساح المجال لهن ليكن جزءاً فعالاً في صنع مستقبل أفضل لمجتمعهن و لبلادهن.

مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
الصحافة النسوية: أداة للتغيير الاجتماعي وتعزيز حقوق النساء.
النسوية والوعي مرتبطا معا على نحو ملحوظ لفهم قضايا النساء ومساندتها في المجتمع ثم إنَّهما يعدان أدوات مهمة للتغيير في المجتمع، ويرجع ذلك لأسباب عدة تقوم بها النسوية من أبرزها تعزيز العدالة والمساواة، إعطاء صوت للنساء وتسليط الضوء على حقوقهن، والبعد عن الصور النمطية التي وضعها المجتمع، ومن وهذه الصورة تتجسد في أن مسؤولية النساء […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
تابعيات الحركة النسوية في إحداث تغيير والمطالبة بالحقوق المشروعة
حققت الحركة النسوية العديد من التغيرات خاصةً في المجتمع الغربي الذي أصبحت فيه النساء  تتمتع بالحصول على حقها في الاقتراع، وزيادة فرص حصولها على التعليم، بالإضافة إلى الحصول على أجور متكافئة بالنسبة لأجور الرجال، ونيلها الحق في بدء اتخاذ إجراءات الطلاق، وحقها الفردي في اتخاذ قرار بشأن الحمل، ونيل الحق في التملّك الأراضي والعقارات. ولم […]
قرائة المزيد