يُعدّ العثور على سكن مناسب أحد أكبر التحديات التي تواجه الطلاب والطالبات، حيث تتزايد صعوبة الحصول على مسكن يوفر الراحة والأمان بأسعار معقولة. تعاني الطالبات، على وجه الخصوص، من تحديات مضاعفة عند البحث عن سكن مناسب، حيث لا تقتصر معاناتهن على ارتفاع تكاليف الإيجار واستغلال بعض أصحاب العقارات، بل تمتد لتشمل القلق بشأن الأمان والخصوصية وبيئة السكن الملائمة للدراسة. وهذا يفرض عليهن ذلك ضغوطًا نفسية واجتماعية، إذ يجدن أنفسهن في مواجهة مستمرة مع هذه العقبات.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني العديد من الطالبات من قلة الخيارات المناسبة التي تضمن لهن الراحة والاستقرار، حيث تفتقر بعض المناطق السكنية إلى الخدمات الأساسية مثل وسائل النقل القريبة، والأمان الكافي، والبيئة المناسبة للدراسة. كما أن بُعد المسافات بين السكن والجامعة يزيد من الأعباء اليومية.
معاناة الطالبات مع أزمة السكن
تتحدث هبة الله أحمد، طالبة جامعية في أسوان، عن الصعوبات التي تواجهها بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات، حيث لم تتمكن من العثور على سكن مناسب، مما اضطرها إلى التنقل يوميًا من مركز كوم أمبو إلى أسوان، وهي رحلة تستغرق غالبًا من ساعة إلى ساعتين ذهابًا، ومثلها إيابًا.
وقد أثر هذا الوضع سلبًا على تحصيلها الدراسي، حيث كانت تُضيّع ساعات طويلة في المواصلات بدلًا من استثمارها في الدراسة أو الراحة.
أما بسمة محمود، فتروي تجربتها مع أحد الملاك، الذي اعتاد دخول الشقة دون إذن، متذرعًا برغبته في الاطمئنان على ممتلكاته.
هذا التصرف غير المقبول و منتهك لخصوصية وأمان الفتيات، دفعها إلى مغادرة السكن والبحث عن مكان آخر أكثر خصوصية وأمانًا. كما أشارت إلى أن بعض السماسرة يستغلون قلة الخيارات المتاحة، حيث رفض أحدهم التفاوض معها على سعر الإيجار، مؤكدًا أن هناك من سيدفع المبلغ المطلوب دون اعتراض .
علياء عصام، طالبة أخرى، ذكرت في حديثها مع جندريست "أنها واجهت قيودًا صارمة أثناء إقامتها في إحدى الشقق، حيث فرض عليها المالك تعليمات خاصة تتعلق بتنظيم الحياة اليومية داخل السكن، مما جعلها تشعر بعدم الراحة وانعدام الاستقلالية.
ارتفاع الطلب على السكن وتأثيره على الأسعار
شهدت مصر زيادة كبيرة في أعداد الوافدين والوافدات من السودان منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023 . وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، استقبلت مصر أكثر من 1.2 مليون نازح\ة سوداني/ة خلال هذه الفترة، مما أدى إلى زيادة الطلب على السكن، خاصة في المدن الحدودية مثل أسوان، التى كانت منطقة عبور. أدى هذا الارتفاع في الطلب إلى زيادة الإيجارات من قبل المؤجرين، مما جعل الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة للطالبات الباحثات عن سكن بأسعار مناسبة.
من جانب آخر، استغل أصحاب العقارات أزمة إخوتنا السودانيين والسودانيات وحاجتهم/ن الماسة للسكن، فقاموا برفع الإيجارات بشكل مبالغ فيه، مما اضطر الأسر السودانية رغماً عنه إلى دفع مبالغ كبيرة مقابل السكن.
على الرغم من توفر المدن الجامعية، إلا أنها لا تستوعب جميع الطالبات، كما أن هناك شروطًا ومعايير للإقامة بها، مما يجعل من الصعب على كثير منهن الحصول على مكان فيها. بالإضافة إلى ذلك، تعاني هذه المرافق من نقص في بعض الاحتياجات الأساسية، مما يدفع بعض الطالبات إلى البحث عن سكن خاص، رغم التحديات المرتبطة بذلك.
إلى جانب ارتفاع الأسعار، تعاني الطالبات من ممارسات غير عادلة من بعض السماسرة وأصحاب العقارات، حيث تفرض عليهن شروط صارمة، مثل دفع مبالغ إضافية كتأمين، أو زيادة مفاجئة في الإيجار بعد فترة قصيرة من السكن. كما أن بعض الوسطاء يستغلون قلة الخيارات المتاحة لرفع الأسعار دون ضوابط واضحة.
مخاوف تتعلق بالأمان وبعد المسافة
إلى جانب ارتفاع الأسعار وصعوبة العثور على سكن مناسب، تواجه العديد من الطالبات تحديات تتعلق بالأمان وموقع السكن. ففي كثير من الحالات، تكون الشقق المتاحة بأسعار معقولة بعيدة عن الحرم الجامعي، مما يجبر الطالبات على قطع مسافات طويلة يوميًا
كما أن بعض المناطق التي تتوفر فيها شقق للإيجار تعاني من ضعف في الخدمات الأساسية، مثل عدم إضاءة الشوارع بشكل جيد، أو يكون ملئ بالقهاوي المكتظة بالرجال، يشكل ذلك صعوبة وعدم ارتياح للفتيات للسير في الشارع
تعكس أزمة السكن التي تواجهها الطالبات في أسوان تحديات أوسع تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة والطلب المتزايد على العقارات.
وبينما تستمر الطالبات في البحث عن حلول وسط هذا الواقع، تظل الصعوبات اليومية جزءًا من تجربتهن الجامعية، مما يضيف عبئًا إضافيًا عليهن. تبقى معاناة الكثيرات مستمرة، و تتجلى في ساعات طويلة من التنقل، وارتفاع التكاليف لمسكن ملائم لمعايير الأمان والخصوصية لديهن، بالإضافة إلى التعامل مع شروط سكنية مقيدة .