الحروب دائما ما تكون نزاعاً مسلحاً تبادلياً بين دولتين أو جماعتين أو كيانات غير متفقة والهدف منها إعادة تنظيم الأحوال وتطبيق سياسة أحد الطرفين المتنازعين أو الاستيلاء علي أرض الوطن.
وتتسبب الحروب دائما في خسائر فادحة في الأرواح وفقدان حياة الكثير من المدنيين والجنود ودمار الأرض والممتلكات والمرافق العامة.
حتى النساء وأجسادهن لم تنج من الدمار فقد يلحق بهن العديد من الاعتداءات الجنسية والجسدية.
فقد عانت النساء علي مر العقود والقرون في أماكن الصراعات والحروب من الاعتداءات الجنسية بأنواعها ودرجاتها حتى يومنا هذا، فالنساء بشكل خاص يواجهن أشكالاً بشعة من العنف الجنسي في الصراعات التي أحيانا ما تستخدمهن بشكل منهجي لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية ويندرج ذلك تحت مظلة تخطيطات الحرب غير معلنة.
ففي أوقات السلم تقع جرائم الاغتصاب، و يتم التغافل عنها وتبريرها بأن الفعل شهوة أو اضطراب عقلي أو فساد... إلخ، لكن في أوقات الحروب فإن الأمر مختلفاً لأنه يكون وثيق الصلة بفرض الهيمنة والرغبة في "كسر العدو" وفي نظر المجتمع ليس هناك ما هو أسهل وأسرع من كسر العدو عبر الاعتداء على نسائه وفتياته.
وجانب آخر من الاعتداءات الجنسية في الحروب والصراعات يرتكب في ظل أجواء فوضوية، التي تعمل على نشر الخوف والشعور بالذل وإحداث الدمار، لا في المعركة فقط ولكن في ما يتبقى من المجتمع بعد انتهاء الحرب في الساحات.
ففي الحروب الغاية تبرر الوسيلة و تجملها بل و تبجلها، وأي انتصار مهما كان صغير يضاف إلى قائمة النصر.
أشكال الاعتداءات على نساء وتأثيره
تتعرض النساء للاغتصاب أو الاتصال الجنسي بالإكراه ومن الممكن باستخدام آلة حادة والتحرش بدرجاته أو يكون عنفا جسديا أو الإكراه على ممارسة الجنس.
ويعتقد البعض أن جرائم الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي تنتهي بانتهاء فعل الاعتداء، لكن الحقيقة أن حياة الضحية/الناجية تنقلب رأسا على عقب بعد انتهاء عملية الاعتداء وحتى بعد انتهاء الحرب أو الأزمة تستمر آثار العنف الجنسي الذي يتراوح بين علل نفسية وعصبية، تعرضها للعدوى لأمراض تنقل عن طريق الجنس مثل الإيدز أو فيروس سي ووصم وحالات الحمل أو الإجهاض .
فعندما تتعرض الأنثى لاعتداء جنسي أو اغتصاب، تحاول بشتى الطرق والوسائل نسيان هذا الأمر المؤذي أو الانفصال عنه وتغاضيه إلا أن الضحية/ الناجية تفشل في أغلب الأحيان في ذلك، وتدخل في دائرة القلق والخوف والإحساس بالعجز والدونية .
فالآثار النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها الضحية/ الناجية ليست آثارا وقتية ترتبط بالحدث فقط، بل تمتد أحيانا لسنوات عديدة قد تعتقد فيها أنها تخلصت من هذه الآثار، ولكنها تبقى راسخة في أغوار نفسها "إن لم تتعاف من هذه الصدمة" وتظهر على معظم جوانب حياتها بشكل مباشر أو غير مباشر.
يتطلب منا التصدي لهذه القضية التعاون الدولي وتفعيل القوانين الدولية لحماية حقوق الإنسان والنساء على وجه الخصوص.
ومعاقبة الجناة يجب أيضا تعزيز التوعية حول هذه القضية لضمان تحقيق تغيير جذري في المجتمعات المتضررة.
ومن الضروري تشديد الضوابط والعقوبات ضد الجرائم الجنسية في سياق النزاعات، وتعزيز التدريب للقوات العسكرية والشرطة للوقاية من هذه الأعمال البشعة.
يتعين على المجتمع الدولي العمل بشكل متكامل للتصدي للثقافة التي تسمح بتلك الانتهاكات.
وتعزيز حقوق المرأة وكرامتها في جميع الظروف بما في ذلك فترات النزاعات.