احنا هنا

٢٧ أبريل ٢٠٢٣

مسلسل تحت الوصاية ينقل صورة من معاناة الأرامل

قامت بكتبتها / يمنى حسن

بعد الهجوم والانتقادات التي وجهت لمسلسل تحت الوصاية على منصات التواصل الاجتماعي قبل عرضه في رمضان اعتقاداً من الجماهير أن المسلسل يسيء للمحجبات، ولكن بعد عرضه في النصف الثاني من رمضان حظي المسلسل بقبول ومشاهدات جماهيرية.


مسلسل تحت الوصاية عرض في السباق الرمضاني لهذا العام، وهو من تأليف خالد وشيرين دياب، وإخراج محمد شاكر خضير


ويعتبر هذا العمل الدرامي ذات بطولة نسائية، تقوم بهذا الدور الفنانة "منى ذكى"


يناقش المسلسل قضية هامة، وهي " لماذا لا تكون الوصاية القانونية حقاً أصيلاً للأم؟ " ومنذ بداية أول حلقة يظهر الصراع بين أم "حنان " تحاول أن تهرب بأولادها "فرح وياسين " بعد وفاة زوجها من جد وعم الأولاد، ومن خلال سرد الفلاش باك نتعرف على حالة السيطرة من قبل الجَدّ و العم والجدة أيضا على حياة حنان وطفليها.


ولذلك تقوم بسرقة مركب الصيد "التي تعتبر في الأساس إرثاً شرعي لها ولأبنائها، ولكن بعد وصاية أهل الزوج على الميراث وحسب القانون ليس من حقها، ولا يحق لها التصرف حتى، وأن كان في صالح إنقاذ حياة ابنها "ياسين" الذي كاد أن يتعرض لفقد إحدى عينيه خلال عمله بورشة الحدادة، ويتضح أن السبب وراء تلك الحادثة هو جده الوصي وصاحب العمل معلقا بذلك أنه كان يريد أن يجعل منه رجلا يعتمد عليه , مع أنّ عانت "حنان" في  محاولات إقناعه بأنه صغير على هذا العمل الشاق، وأبدت خوفها عليه، وعلى دراسته، وأنه يجب أن يواصل تعليميه ولا ينشغل بشيء آخر لكن مع تكرار محاولات "حنان" لحماية طفليها أمام سطوة أهل زوجها , تقرر الهروب بالأولاد والمركب من الإسكندرية إلى دمياط  لإعالة أولادها من خلال عملها بالصيد وتحاول خلق حياة جديدة لها ولأولادها، تظهر في كل حلقة خطر جديد تواجهه الأم وتحاول التغلب عليه , بدءا من رفض البحارة والصيادين أن تكون "ريستهم واحدة ست" وأنه ليس مقبول لديهم حتى مع بعد اقناع "حنان" للطاقم بظروفها و اضطرارها للكذب بأن زوجها مسافر لكى لا تقع فريسة لهم و تحت طائلة الاستغلال .


 

هل الأم أو المرأة ناقصة أهلية أو غير مؤهلة للإنفاق على أولادها؟


هذا السؤال طرأ في ذهني منذ عرض أول حلقة لماذا يتعامل القانون مع الأم على أنها أقل من أن تكون وصياً على أبنائها، وأن تأخذ حق الإنفاق على أولادها بعد موت الزوج، على على الرغْم من أن الأم هي ادري شخص بمصروفات واحتياج أولادها لأنها الوحيدة القائمة على رعايتهم.


مسلسل "تحت الوصاية" جسد حياة الكثير من الأرامل اللاتي يعانين بعد وفاة أزواجهن، و يجسد الظلم والقهر والتحكم الذي يمارس علي السيدات الأرامل بعد وفاة أزواجهن، بسبب قانون الوصاية.


المرأة والأم شخص كامل الأهلية، ومن حقها أن تكون صاحبة الحق في التصرف والوصاية على أولادها بعيداً عن السلطة الذكورية.


تعتبر حلقات مسلسل" تحت الوصاية" حتى الآن نموذجية في كل شيء كتابة وإخراج، اختيار الممثلين والأطفال أدائهم المتميز، وبراعة اختيار الأماكن تتناغم مع كادرات التصوير كلها رائعة ترسم صور حية للمكان والبيئة التى انتقلت إليها حنان وأولادها ،كما أظهر صورة لنموذج المرأة القادرة على تحد حيث أظهر دلال "الأرملة التي تعمل سائقة تاكسي" وعلي جانب القضية التي يناقشها المسلسل نقل لنا جزء كبير من حياة الصيادين وشكل عملهم والمخاطر اليومية التي يتعرضون لها, كذلك تباين وجهات نظرهن تجاه المواقف مثلا لعمل "حنان" ك رئيسة عليهم, أو في موقف اعتداء "حمدي" عليها و محاولة اغتصابها فتلقي من " حنان " طعنة بالسكين دفاعا عن نفسها , وانقسام الطاقم بين الدفاع عن حق حنان وانها فعلت ذلك دفاعا عن النفس وأنه" كان عايز يستفرد بيها " و تبرير الجرم كما ذكر على لسان "عيد" (ايه يعنى اللي حصل؟ قل عقله تقوم تموته؟ " , وكل تلك الردود نراها فعليا في معايشتنا الواقعية حينما تتعرض النساء لعنف جنسي فتجد تبريرات لاستباحة الجرم بل وتتعدى توجيه اللوم والاتهامات لها.


كما كان لدور تصميم الملابس والاكسسوارات دور أساسي ومحوري, فقد برعت ريم العدل مصممة الأزياء بالعمل في التعبير عن تلك الطبقة من خلال الملابس ولكل شخصية أزياء محددة مختلفة وتفاصيل تعبر عن خلفيتها الاجتماعية و تتواكب مع التطور الطارئ للشخصيات خلال الأحداث.


نهاية المسلسل كنت اتوقع انتصار الأم "حنان" وتوسع في رِحْلات الصيد وتحقيق أرباح رائعة لأولادها أو ان يتم الصلح بينها وبين عم الأولاد ولكن كلما كان الشيء واقعي كلما كان مأساوي ، فقد احترقت المركَب وسجنت الام لمدة عام بتهمة سرقة ورث أبنائها (تبديد مال قصر) , و سجنت الام بعد كل محاولاتها في الحفاظ على مال أولادها من استغلال وطمع وجشع عم الأولاد.


حقق المسلسل هدفه في تسليط الضوء على ظلم القانون وعرض المعاناة التي تعيشها الأرامل في صورة مبسطة , فحياة الأرامل أصبحت مليئة ومعاناة يومية اكبر بكثير مما جسدها المسلسل , وللعلم فالقانون لا يظلم الأرامل فقط بل يظلم الأم عمومًا لأنه دائما يراها اقل من انها تتحمل مسئوليات مادية لأولادها مع أنّ  شريحة كبيرة من الأمهات هي التي فعلًا التي تقوم بإعالة الأسرة بِرُمَّتها .

مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
اختيار النساء لشريك الحياة (حق خاضع للقيد)
“كنتُ أحلم بأن أعيش حياة سعيدة مع هذا الشخص الذي اختاره قلبي، ورسمتُ معه الآمال. لكن الآن، ماتت أحلامي، وأصبحتُ شاحبة الوجه، ولم أعد أفكر في كيفية اتخاذ أي قرار؛ فأصبح كل ما ينطقه لساني هو “حاضر” و”نعم”. أصبتُ بحزن دائم، وأصبحتُ عاجزة، وحتى ابتسامتي على وجهي كاذبة.” هكذا وصفت إحدى النساء شعورها بعد أن […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
في ظل التهميش والتمييز: نظرة على واقع حقوق الصحة الإنجابية والجنسية للنساء والفتيات بمصر
تُعتبر الصحة الإنجابية والجنسية من أهم الجوانب التي تؤثر على حياة النساء، وخاصة الأمهات، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي. تعني الصحة الإنجابية توفير الظروف والبيئة الملائمة للنساء لتحقيق حمل صحي وآمن، كما تؤثر الصحة الإنجابية بشكل مباشر على الصحة الجسدية والنفسية للأم. تساعد الرعاية الصحية قبل وأثناء وبعد الحمل في الكشف المبكر […]
قرائة المزيد