احنا هنا

٠٢ ديسمبر ٢٠٢١

المسكوت عنه داخل جامعة أسوان

قامت بكتبتها / فريق العمل

دائماً ما يكون الشارع مكان غير آمن لنا كنساء، نسير حذرين و مترقبين خطر من أي مصدر و متحفزين للدفاع عن أنفسنا، إلى أن نصل إلى وجهتنا بيوتنا أو أماكن عملنا حينها نشعر بنوع من الأمان ولكن عندما تكون أماكن العمل التي نقضي بها أغلبية وقتنا غير آمنة فتشعر طوال الوقت أنك في خطر ويلغى شعورك بالأمان.


ويعد الحرم الجامعي من ضمن أماكن العمل التي يقصدها النساء بشكلٍ يومي، فحينما يرتبط الشعور بعدم الأمان بمكان مقدس مثل الحرم الجامعي، فيلغي قدسيته بالنسبة للطالبات والنساء العاملات به، وتتحول الجامعة من "حرم جامعي" إلى مجرد أسوار مشيدة بين جدرانها يوجه العنف للنساء بشتى أشكاله.


هذا ما يحدث في جامعة أسوان داخل مبنى كلية خدمة اجتماعية، حيث أصبح هذا المكان غير آمن للنساء تماماً، هذا المبنى يسكنه وحش وهو دكتور جامعي يرأس أحد الأقسام تجاوز عمره ال 70 عاما، هذا المعتدي حول الكلية من مكان للعمل والدراسة إلى مستنقع بسبب جرائمه المتكررة والمسكوت عنها منذ سنوات حتى أصبحت الكلية تحت سلطته بشكل غير مباشر.


"أنا سبت الماجستير بسببه" ذكرت إحدى الناجيات وهي كانت في وقت ما طالبة في الكلية، وقالت إنه كان شخصاً عاديا لم يصدر منه أي تصرف غريب إلى أن رسبت في ثلاث مواد في سنة الماجستير ونصحها زميلاتها بالتوجه إلى مكتب الدكتور كما فعلت زميلة لهم، وفي هذه الحالة فقط سيقوم بإعطائها درجة النجاح الكاملة.


مارس هذا المعتدي الإبتزاز بشكل متواصل على الطالبات، فكان يطلبهن إلى المكتب ليفعل ما يحلو له مقابل أن ينجحن، فالدراسات العليا تتطلب مبلغ مالي كبير ومتابعة من الدكتور المسؤول عن الرسالة، فهمت الناجية المغزى من وراء "الذهاب إلى المكتب" ولم يكن قراراً سهلاً أن تتخلى عن الماجستير نهائياً وتترك رسالتها والكلية بشكل كامل.


في 2017 توجه مجموعة من الطالبات لرئيس الجامعة بمذكرة تتضمن جميع أفعاله والتي تخطت الإبتزاز مصحوبة بملف يحمل جميع المحادثات والصور والفيديوهات المنافية للآداب التي تخص هذا الدكتور، ولكن لم يتم التعامل مع هذا الملف وتم التكتم عنه بشكل تام.


وفي 2018 كان هذا الدكتور المعتدي منسق جامعة الطفل بجامعة أسوان التي تستقبل أطفالاً من سن 7 إلى 12 سنة، تحرش جنسياً بطفلة عمرها 12 عاما، وقام بملامسات جنسية فتقدمت الأم بشكوى لرئيس جامعة الطفل آنذاك وتم فصل الدكتور المتحرش دون إتخاذ أي إجراءات تجاه منصبه في كلية خدمة اجتماعية.


وفي العام نفسه توجهت "نورة" -اسم مستعار- لدراسة الماجستير في الكلية وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال، لم تكن علي دراية بجرائم هذا الدكتور المعتدي فكان يطلب منها بشكل دائم الذهاب إلى مكتبه لإحضار أوراق أو إستكمال أبحاث وكان يستخدم إيحاءات جنسية بشكل دائم كنوع من الفكاهة ولكن نورة تجاهلت هذه الأفعال.


وفي مرة من مرات وجودها في المكتب قام الدكتور بسحب النقاب من على وجهها محاولا تقبيلها بالإجبار، هلعت نورة وخرجت منهارة من المكتب، وبعدها أوقفت دراستها ولم تدخل الامتحان خوفا من بطشه، قالت "كنت عارفة انه هيسقطني"، وفي العام التالي توفي والدها فحاول التواصل معها بحجة التخفيف عنها وإقناعها بدخول الامتحان هذا العام واعدا إياها بأنه لن يؤذها، ولكن لم تثق نورة في دعوته.


وفي 2020 قررت أن تدخل امتحانها وكانت قد بدأت في عمل إداري بمبنى الكلية، حاول الدكتور بشتى الطرق استدعاؤها لمكتبه بشكل منفرد ولكنها علمت خفايا نواياه ولم تذهب بمفردها، فبدأ يختلق المشكلات حتى تطاول عليها لفظياً وسط مجموعة من العاملين بالكلية ونعتها بالـ غير محترمة، اتجهت نورة بمذكرة إلى رئيس الجامعة.


صادف في نفس التوقيت وجود مذكرة أخرى موجهة على نفس الدكتور لطالبة كان يراسلها ليلاً ويطلب منها الخروج معه ومرافقته في سيارته الشخصية، وكانت مرفقة برسائل منه، فحضر محقق للتحقيق في الأمرين ولكنه لم ينتج عن هذه التحقيقات أي إجراء يذكر، فكان من المتوقع رسوبهن في الامتحانات، وبالفعل هذا ما قام به مستغلاً سلطته كدكتور.


أما الآن فيحاول إبعادها عن مكان عملها، ولحسن الحظ كان زوج نورة داعماً لها في كل خطواتها لمواجهة هذا الدكتور المتعنت، فكانت تحارب للحفاظ على عملها وتحارب لإستكمال دراستها وتحارب يومياً بالذهاب إلى نفس المكان المتواجد فيه هذا الوحش وكذلك تحارب حتى لا يستمر في بطشه في محاولة منها لحماية نفسها وحماية كل طالبة قد تأتي إلى هذا المكان يوما.


"كل اللي وصلناله بسبب السكات" قررت نورة ألا تصمت وأن تكمل المسيرة وتقف أمام الدكتور المتحرش الذي استمر بطشه لخمس سنوات وأكثر بسبب تواطؤ رئاسة الجامعة بشكل أساسي والتستر عن جرائمه المعروفة والمسجلة لديهم.


وكذلك تواطؤ وحدة مناهضة العنف بالجامعة والتي كان يرأسها م. أ حينما تقدم مجموعة من الفتيات بشكاوى عن أفعال هذا الدكتور ولم يحافظ على سرية المعلومات، بل وصلت الشكاوى للدكتور بأسماء الطالبات ولم يتم اتخاذ أي إجراء تجاه الأمر.


فقادنا تواطؤ السلطات بالجامعة في هذه القضية إلى عشرات من الناجيات من العنف داخل مبنى كلية خدمة اجتماعية وخارجها، النساء وحتى الأطفال.


ولازال يمارس جرائمه حتى يومنا هذا، ولكن إلى متى؟


مقالات اخري

article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
الابتزاز الالكتروني : عنف رقمى يهدد حياة النساء من وراء الشاشة
في عصر التكنولوجيا المتقدمة و وسائل التواصل الاجتماعي، يُعدّ الابتزاز الإلكتروني أحد أخطر التحديات والجرائم التي تواجه النساء والفتيات يتمثل هذا الابتزاز في تهديد حياة النساء بنشر معلومات حساسة أو صور أو مقاطع فيديو شخصية، في حال لم تخضع الناجية \ الضحية لتهديدات المعتدى، وغالبًا ما تكون هذه التهديدات بغرض الابتزاز للحصول على مكاسب مادية […]
قرائة المزيد
article 1
١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
المقال الختامي لحملة ” أجسادنا…. قراراتنا “
مع انتهاء حملة “أجسادنا قراراتنا” التي أطلقناها ضمن فعاليات حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف القائم ضد النساء، والتي امتدت من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر، سعينا من خلال حملتنا إلى إعلاء صوت النساء في المطالبة بحقوقهن الجنسية والإنجابية باعتبارها حقًا أساسيًا للنساء، وكركيزة جوهرية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين، والتأكيد على أن هذه الحقوق […]
قرائة المزيد