وفقا للمركز المصري لحقوق المرأة فأن 64% من النساء يتعرضن يوميا للتحرش ، فقد اصبح التحرش عادة يومية لايمك الاستغناء عنها و متلازمة مثل الاكل والشرب ، حيث لايمكن ان يمر يوم دون ان تتعرض سيدة او فتاة مهما كان سنها للتحرش بأية وسيلة فور خروجها من المنزل لحين عودتها إليه مرة اخري .
وعن احدي وقائع التحرش التي روتها احدي الناجيات " رجل مسن خمسيني يركب دراجة متهالكة ، ويقودها بمشقة و انفاسه تتعالي بعد ضربة كل بدال ، يرتدي بنطلون نبيتي ممزق من الحجر وتبدو عليه محاولات التصليح بخيط اسود مخالف للون البنطلون النبيتي ، وقميص ابيض به ياقة تحمل نفس هذا اللون النبيتي الباهت يبدو انه يونيفورم . قد تراه رجل يسعي ع لقمة عيشة و تلفتك الدراجة التي لا تليق مع سنه وهيئته ، ولكن من منا لا يسعي علي لقمة عيشه ، وهو بطريقه عـ دراجته المتهالكة يلقي نظرة متفحصه و مركزة علي منطقة الاعضاء التناسلية ، و تمر هذه النظرة بالتوالي علي السيدات الواقفات علي الشارع في طريقه علي اختلاف اشكالهن فكانت امامي فتاة مسيحية ، وسيدة كبيرة .ولكن نظرته لهذا الجزء السفلي لهن وانا بعدهن وكأنه يبحث عن كنز مفقود فيها من شدة تركيزه كادت تسقطه من دراجته و هو يحاول تملك الزمام عليها " .
التحرش من اخطر القضايا التي تهدد امن الدولة فهو مثل القنبلة الموقوتة المسكوت عنها في المجتمع فلاتدري ما سيبادر بفعله المتحرش المرة القادمة مع الناجية التالية .وفقا لهيئة الامم المتحدة للمرأة و المجلس القومي للمرأة فأن : 99% من الإثات تعرضن لشكل من اشكال التحرش بناء علي دراسة اجريت فمنهن ، 88% تعرضن للتصفير و المعاكسات الكلامية ، 57% تعرضن للنظرات الفاحصة البذيئة لأجسادهن ، 59% معاكسات تليفونية ، 39% تعرضن لكلام به ايحاءات جنسية ، 36%تم تتبعهن او ملاحقتهن ،39% تعرضن لتحرش جنسي عن طريق لمس جزء من جسدهن . و فمنهن من تتعرض لـ اكثر من شكل من اشكال التحرش السابقة علي مدار اليوم . كما اظهرت النتائج ايضا ان الطالبات هن اكثر فئة من الاناث تعرضن لـ اكثر من شكل للتحرش بنسبة 99% ، يليهن السيدات العاملات بنسبة 90% ، ثم ربات البيوت بنسبة 75% ، و اخيرا السائحات بنسبة 33% .

والجدير بالذكر انه مع اختلاف هذه الفئات اللاتي تعرضن و يتعرضن للتحرش سواء من حيث العمر ، او الخلفية الثقافية ، فلا يوجد سبب مشترك لتعرضهن للتحرش ، او عذر مجتمعي مشترك بينهن من امثال " لبسك هو السبب ، مشيتك هي السبب ، صوتك العالي هو السبب " . وغيرها من الاعذار الواهية التي يدعيها البعض تبريرا لفعلة المتحرش المرفوضة . فالتحرش ليس له علاقة بلبس المرأة ، فالمرأة المنتقبة يتم التحرش بها ، وليس له علاقة بالسن أو مفاتن المرأة حيث يتم التحرش بـ و اغتصاب الاطفال . و دعونا لا ننسي حادثة الطفلة زينة التي تم اغتصابها من اثنين مراهقين وقتلها لتغطية آثار الجريمة ، و حادثة طفلة البامبرز في الدقهيلة التي لم تكمل الثانية من عمرها وتم اغتصابها من رجل اربعيني و متزوج ، وجريمة طفلة شبر الخيمة ذات الخمس سنوات و من ذوي الاحتياجات التي اغتصبها و قتلها جارها الرجل الكبير و في التحقيق معه قال ان الشيطان اغواني لفعل هذا ؟ لاندري اي شيطان هذا الذي يغويك لاغتصاب طفلة غير مكتملة الانوثة . لقد احتلت مصر المركز الثاني بعد افعانستان من حيث ارتفاع نسب التحرش بها بين دول العالم ، حيث يوجد 70% من النساء لايشعرن بالامان في وسائل النقل ، 90% لايشعرن بالامان في الشوارع ولكن لا نستطيع الانغلاق في المنازل لتفادي ذلك لانه سيلاحقنا اينما نذهب حتي في منازلنا .


استنادا للمادتين ( 306) مكرر أ ، ( 306 ) مكررب من قانون العقوبات فان عقوبة التحرش ( سواء لفظيا ، او بالفعل او سلوكيا ، او عن طريق الهاتف و الانترنت ) هي السجن مدة تترواح بين 6 شهور إالي 5 سنوات بالاضافة لغرامة مالية قد تصل الي 50 الف جنيه مصري ، واستنادا لنصوص المادتين كالآتي :
مادة ( 306) مكرر أ : يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة اشهر و بغرامة لاتقل عن 3 آلاف جنيه و لاتزيد عن 5 آلاف جنيه او باحدي هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام او خاص او مطروق بإتيان امور او ايحاءات او تلميحات جنسية او اباحية سواء بالاشارة او القول او الفعل باي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية او اللاسلكية " .و تكون العقوبة مدة لاتقل عن سنة و غرامة لاتقل عن 5 آلاف جنيه و لاتزيد عن عشرة او باحدي هاتين العقوبتين اذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة او التتبع للمجني عليها ، وفي حالة العودة تضاعف مدة الحبس و الغرامة في حديهما الادني و الاقصى "
المادة ( 306 ) مكرر ب : "يعد تحرشا جنسيا اذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في مادة ( 306) مكرر أ من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليها علي منفعة ذات طبيعة جنسية ، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لاتقل عن سنة و بغرامة لاتقل عن عشرة آلاف جنيها ولا تزيد عن عشرين او باحدي هاتين العقوبتين.
فان كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة( 267) من هذا القانون او كانت له سلطة وظيفية او اسرية او دراسية علي المجني عليها او مارس عليها اي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه او ارتكبت الجريمة من شخصين فاكثر او كان احدهم علي الاقل يحمل سلاحا تكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن سنتين و لا تتجاوز خمس سنوات و الغرامة لاتقل عن عشرين الف جنيه ولا تزيد عن خمسين " . و تختلف عقوبات التحرش في دول العالم باختلاف الدولة حيث تصل الي الإخصاء الجراحي و الكيميائي كما هو الحال في التشيك .
و الجدير بالذكر ان العديد من الحركات و المنظمات قد ناهضوا التحرش و مازلوا من امثلتها " خريطة التحرش " : التي منذ نشأتها تحاول ترسيخ قناعة ان التحرش الجنسي جريمة وانه ذنب المتحرش و ليس الشخص الذي يتم التحرش به ، وتسعي المبادرة لوضع قواعد للتعرف عند حدوث التحرش من الناجيات انفسهن ، للتعامل علي هذا الاساس و مساعدة من يتعرضن للتحرش . حيث انه عندما يتخد عدد كاف من الناس موقفا حيال التحرش يصبح التحرش اكثر صعوبة بالنسبة للمتحرشين .
وقد ظهرت ايضا طريق للدفاع عن النفس ضد التحرش تسمي ب " الويندو ،أ WENDO" وهي كلمة مركبة بمعني طريق المرأة ، و قد ظهرت هذه التكنيكات في كندا في الستينيات اثر حادثة اغتصاب و كانت طريقة للدفاع عن النفس حينذاك، ومنها انتقلت هذه التكنيكات إلي المانيا ومنها إالي مصر في 2013 علي يد مدربة الويندو شرين التي دربت اول جيل من مدربات الويندو في مصر ، منهن المدربة : أمنية عبد العال وهي مدربة معتمدة من وزارة الشباب ال والرياضة . وقد ذكرت عبد العال "ان الويندو طريقة للدفاع عن النفس ، اتعملت مخصوص للستات و البنات ، بحيث انهم يقدروا يستخدومها في الدفاع عن نفسهم في حياتهم اليومية بسهولة ، و ده باستخدام لغة الجسد و الكلام اللفظي بالاضافة لتقنيات الدفاع البدنية ، واضافت عبد العال تعلم الويندو لايحتاج ان تكوني رياضية او في سن معين ، كما لا يتطلب معرفة سابفة بفنون القتال او الدفاع عن النفس ، فقط عشر ساعات هو التدريب الاساسي لتعلم اساسيات الدفاع عن النفس ، وبعدها للمستوي الثاني والثالث بعد التمكن من تكنيكات التدريب الاساسي .

وهناك بعض حالات التحرش التي لاقت رواجا اعلاميا ، و تم وصم الناجيات بألقاب قد تلازمهن لباقية حياتهن لعمل ضجة اعلامية دون مراعاة لمشاعر الناجية مثل قصة " فتاة اون ذا رن " التي اثارت جدلا علي مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض و منهم المعارض فقط لمبدأ التشهير للمتحرش ،و منهم الداعم للمتحرش بمقولة " علي الاقل تحدث اليها بتهذيب " ، تبريرا له اي انه من حقه ان يضايقها و يلاحقها طالما انه يتحدث بتهذيب . و القصة الاخري التي لاقت رواجا اعلاميا المسماة ب " فتاة المول " الفيديو الذي يظهر رجل يتعدي بالضرب المبرح علي فتاة و سط تدخلات من المارة و امن المول ، ومع مؤيد ومعارض و من يبرر للمتحرش مرة اخري و يهاجم الناجية بل و يفتش في صفحاتها علي التواصل الاجتماعي لاثبات انها تستحق ان يتم التحرش بها ، بل و ضربها ان ألزم لانها ابدت رفضها للتحرش بها لفظيا بألفاظ بذيئة و ردت علي المتحرش بنفس بذائته .
التحرش قنبلة موقوتة في مجتماعاتنا قد تنفجر في اي وقت و حالات التحرش المرصودة و المبلغ عنها باقسام الشرطة او غير المرصودة و المسكوت عنها في تزايد مستمر. و طالما ان المجتمع لا يري لا يسمع لا يتكلم عن هذه المشكلة الموقوتة سيبقي الحال كما هو عليه و ننتظر انفجار هذه القنبلة الموقوتة .